فرط الحركة
الاضطرابات السلوكية بشكل عام هي تصرفات انفعالية غير طبيعية وغير مُتوقعة، وتبتعد تمامًا عن عادات وتقاليد المجتمع، ومن مظاهر حدوث الاضطرابات السلوكية أن الشخص المُصاب يكون منعزلاً وحيدًا وقليل الأصدقاء، مما يدفعه للشعور بالاكتئاب والقلق وعدم الثقة بالآخرين والتصرف بعدوانية تجاههم، وبالتالي التعامل بعناد دائم، ويوجد أصناف متنوعة للاضطرابات السلوكية مثل التخلف العقلي والذهان، بالإضافة إلى الاضطرابات السلوكية التي تحدث في مرحلة الطفولة والمراهقة مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.
المحتوى
ماهو فرط الحركة وتشتت الانتباه
فرط الحركة هو مرض مزمن يصيب العديد من الأطفال وقد يستمر إلى سن الرشد، فهو يُصيب الأطفال والكبار على حد سواء، ولكن أعراض المرض تظهر عند الأطفال بدرجة أوضح من ظهورها عند الكبار، ومن العلامات التي تميز فرط الحركة حدوث قلة الانتباه والتركيز مع الميل إلى التحرك والنشاط والحيوية بشكل زائد عن الحد.
ويؤثر على التحصيل الدراسي للطفل بالإضافة إلى العديد من المشكلات الاجتماعية نتيجة حدوث خلل في قدرة الطفل على التعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى تراجع الثقة بالنفس مع سوء التخطيط، بالإضافة إلى الاندفاع والتململ ووجود مشكلات في ترتيب الأولويات نتيجة لعدم التنظيم وعدم القدرة على إدارة الوقت بطريقة سليمة.
ويجب على الأهل متابعة تصرفات الطفل بدقة لمعرفة هل إذا كان مُصابًا بتشتت الانتباه أم لا، فلا تطلب من طفل لم يتجاوز الرابعة من عمره أن ينصتَ إلى قصة طويلة لعدة ساعات، لأن الأطفال في هذا السن يميلون إلى التركيز لفترات قصيرة فقط، حتى الكبار لا ينصتون إلى موضوع لا يهتمون به، لكن عندما يكبر الطفل قليلاً ثم تجده يفقد أغراضه بشكل متكرر ويومي، أو أنه لا يهتم بالتفاصيل ويواجه صعوبة في تنظيم واجباته وأموره في المدرسة مثلاً، فربما يكون مُصابًا بمرض تشتت الانتباه.
اسباب فرط الحركة
السبب الحقيقي للإصابة بمرض فرط الحركة لم يتم اكتشافه حتى الآن، فلا يوجد سبب واضح ومحدد ودقيق لحدوثه، لكن هناك بعض العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض مثل:-
- وجود خلل في الجهاز العصبي المركزي لدى المريض وهذا يؤدي لخلل في النمو وخلل التوازن الكيميائي في الدماغ.
- بالإضافة للعوامل الوراثية والبيئة التي نشأ فيها المريض مثل التعرض للتدخين السلبي أو تناول المواد السامة مثل الزئبق أو الرصاص، أو الولادة في الشهور الأولى وتعرض الطفل لنفص الأكسجين أثناء الولادة، وقلة وزن الطفل عند الولادة.
- وقد يحدث فرط الحركة لدى الطفل نتيجة تناول الأم للخمور والمواد المُضرة خلال فترة الحمل،
- وقد يحدث نتيجة بعض العادات والتقاليد الاجتماعية مثل كثرة المشاكل الأسرية التي تؤثر على نفسية الأطفال ومشاهدة برامج التلفاز لفترات طويلة وكثرة تناول المواد السُكَّرية في مرحلة الطفولة.
- ولكن يظل العامل الأكبر للإصابة بفرط الحركة هو العامل الوراثي الذي يؤدي لخلل في توازن الهرمونات التي يفرزها الدماغ مثل هرمون الدوبامين الذي يعمل على رفع كفاءة عمل الخلايا العصبية وزيادة الشعور بالراحة.
ويمكن التقليل من حدة أعراض فرط الحركة لدى الأطفال عن طريق اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على العناصر الغذائية المفيدة التي تُنشط خلايا المخ، وممارسة الرياضة بانتظام لأنها تعمل على تحسين الحالة المزاجية لدى الأطفال وتخفيف التوتر والتخلص من الطاقة السلبية، وينبغي على الأب والأم أن يكونا متفاهمين وأن يعملا سويًّا على مساعدة طفلهما في زيادة ثقته في نفسه والتغلب على هذا المرض.
اعراض فرط الحركة عند الاطفال
معظم الأطفال يكون لديهم ميلٌ للحركة والحيوية والنشاط وعدم التركيز أثناء المذاكرة ولكنهم يتعايشون مع هذا ويتمكنون من التعامل مع الآخرين بشكل سليم ومن التقدم في المراحل التعليمية المختلفة، لكن الأطفال المصابين بمرض فرط الحركة يصابون بتدهور في المستوي الدراسي والعلمي والعديد من المشكلات الاجتماعية ويتعرضون للمواقف المحرجة باستمرار مما يؤثر على ثقتهم بأنفسهم وثقتهم بمن حولهم، ويكون الطفل غير قادر على القيام بنشاط أو عمل لفترة زمنية طويلة، وبمرور الزمن تقل حدة المرض لدى الطفل حتى بداية سن الرشد.
يزداد انتشار مرض فقدان التركيز في الإناث عنه في الذكور بينما ينتشر مرض فرط الحركة بشكل أكبر في الذكور، فيهمل الطفل واجباته المدرسية ويهمل مذاكرته ودراسته، ويكون غير قادر على الإنصات للمعلم أثناء الشرح لفترات طويلة مما يؤثر على نتائجه الدراسية وتحصيله العلمي.
ويحدث فرط الحركة عند الاطفال عمر ثلاث سنوات، فعندما تطلب من الطفل الجلوس لفترة معينة فإنه لا يستطيع، ويواجه صعوبةً في الجلوس لفترات طويلة ويتحرك مرة أخرى ويظل يتحرك ويركض دون سبب وبدون هدف، أو قد يجلس ولكن يستمر في تحريك قدمه وأصابعه ورجليه بشكل مستمر، ومن أعراض فرط الحركة أيضًا الميلُ إلى كثرة التحدث والكلام وتكرار الأسئلة الشخصية وغير المنطقية وكثرة مقاطعة الآخرين أثناء حديثهم بشكل مفاجئ، وعند ظهَور هذه الأعراض يجب على الأبوين مراجعة طبيب الأعصاب والطبيب النفسي وطبيب الأطفال لتقديم خطة علاج شاملة.
علاج فرط الحركة عند الاطفال
أولاً يجب أن يكون علاج فرط الحركة في هذه الحالة نفسيًّا عن طريق عقد جلسات نفسية مع الطفل المريض، ومحاولة معرفة هل هناك مشاكل أو مواقف صعبة تعرض لها وأثرت في نفسيته أم لا، بالإضافة إلى علاج سلوكيات الطفل ولكن هذا يكون مشتركًا بين الطبيب والأهل.
فينبغي عليهم تعليم الطفل طريقة التصرف والتعامل بشكل صحيح، وتعليم الطفل كيفية التعامل مع المجتمع ومع الأطفال الآخرين في المدرسة.
فمثلاً ينبغي على الأهل تقديم هدية أو مكافأة للطفل عند قيامه بعمل صالح لترغيبه في التصرفات الجيدة، وعدم معاقبته بشكل علني أمام الأطفال الآخرين، بالإضافة للقيام بالعديد من الأعمال التطوعية بشكل مشترك فهذا من شأنه أن يزيد من ثقة الطفل ويقوي علاقته مع أهله ومع المجتمع.
الاعتقاد الشائع هو أن فرط الحركة ينشأ نتيجة نقص في إفراز (الدوبامين) في الدماغ، فيمكن تناول الأدوية التي تزيد من إفراز هذا الهرمون مثل دواء (الديكستروامفيتامين)، لكن ينبغي الحذر عند إعطاء هذه الأدوية خاصة للأطفال لما قد تسببه من أعراض جانبية مثل:-
- الأرق والصداع وفقدان الوزن، وهناك أدوية أُخرى مثل دواء (الديسيبرامين) ودواء (المودافينيل)
- وهناك دواءٌ يُسمى (أتوموكسيتين) يعمل على زيادة تأثير هرمون (النورابينفرين) على خلايا الدماغ ويحقق تأثيرًا جيدًا تقريبًا بعد شهر من تلقي العلاج، والخبر الجيد أن هذا الدواء لا يؤثر على معدلات النوم ولا يُسبب فقدانَ الشهية، ولكنه قد يتسبب في حدوث ارتفاع في ضغط الدم وفي معدل ضربات القلب، وقد يتسبب بحدوث أضرار في الكبد، وقد يولد أفكارًا انتحارية لدى الأطفال والمُراهقين.
اعراض فرط الحركة للرضع
من الصعب معرفة ما إذا كان الرضيعُ مُصابًا بمرض فرط الحركة أم لا، وذلك لأن الرضيع لا يمشي ولا يركض، ولكن يمكن ملاحظة العديد من الأعراض التي تحدث للرضيع مثل قلة وصعوبة النوم وصعوبة البقاء في وضع النوم لفترات طويلة، وحدوث مشاكل أثناء الرضاعة مثل القيء بالإضافة لتكرار نوبات البكاء والصراخ باستمرار، وقد تظهر اعراض فرط الحركة عند الاطفال عمر سنتين، لكنها تكون قليلةً لأنها تبدأ في الظهور بوضوح من عمر ٦ سنوات.
ويمكن التفريق بين الطفل العادي والطفل الذي يعاني من فرط الحركة، فالطفل العادي يتحرك ويركض من أجل الحصول على وجبة غذائية أو من أجل الحصول على لعبة، ويستجيب لطلبات والديه مثل التعامل بهدوء عند مجيئ أقاربه، وينام بمعدلات كافية في الليل، لكن الطفل المُصاب بفرط الحركة تجده يتحرك دون هدف، ولا يستطيع التحكم في هدوئه أو حركته، ويجد صعوبةً في مساعدة والدية في الأعمال المنزلية، وقد يتطور الأمر ويصل لإيذاء نفسه جسديًّا أو إيذاء أصدقائه وأقاربه، على الرغم من ذلك فإن الطفل المُصاب بفرط الحركة يتميز بالعديد من الصفات الإيجابية والجيدة مثل الحيوية والحماس والإبداع والمرونة والعفوية والنشاط.