اضطراب ثنائي القطب
إنَّ التقلبات المزاجية قد تكون طبيعيةً نتيجة التفاعل مع البيئة ومع المواقف المُفرحة والمُحزنة، وتشير الدراسات إلى أن المشاعر السلبية تظهر في وقت المساء، بينما تكثر المشاعر الإيجابية في وقت الظهيرة، وقد تحدث نتيجة حدوث أمراض مثل مرض الاكتئاب أو قصور الانتباه أو فرط الحركة، ومرض اضطراب الهرمونات الذي يؤثر على الحالة المزاجية لذلك يكون المراهقين أشخاص متغيري المزاج نتيجة تغير مستوى الهرمونات لديهم، بالإضافة لمرض اضطراب ثنائي القطب.
المحتوى
مرض ثنائي القطب
اضطراب ثنائي القطب أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، كلها أسماء متنوعة لنفس المرض، وهو لا يُسمى مرض عقلي ولكنه تغيرات زائدة عن الحد في الحالة المزاجية بين الشعور بالفرح والشعور بالحزن، ولهذا تمت تسميتُهُ باضطراب ثنائي القطب باعتبار أن الفرح والحزن هم القطبان، وكان يُسمى سابقًا بمرض (الهوس والاكتئاب) أو (الاكتئاب الهوسي).
فالمريض باضطراب ثنائي القطب أحيانًا يشعر بالحزن وفقدان الأمل واليأس ثم تأتي حالة الهوس ويشعر بالابتهاج والفرح الزائد عن الحد والامتلاء بالطاقة والنشاط والحيوية وسرعة الغضب من فرط الحماس، ويؤثر اضطراب ثنائي القطب على معدلات وأوقات النوم وطريقة التفكير والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة، وتُشير الدراسات إلى أنه يُصيب شخصين من كل 100 شخص.
يُعَدُّ العامل الوراثي أحد أسباب حدوث الاضطراب ثنائي القطب، إضافةً إلى أنَّهُ ليس عاملاً مؤكدًا للإصابة بالاضطراب، حيث إنَّ هناك العديد من الاشخاص الذين يمتلكون تاريخًا عائليًّا للإصابة به ولكنهم لم يعانوا منه بعد، بالإضافة للبنية التشريحية للدماغ فيجب إجراء فحوصات تصويرية للدماغ لتحديد أي اختلافات بين دماغ المُصاب والتركيب التشريحي المثالي لدماغ الإنسان، بالإضافة لحدوث اختلال في توازن مستوى المواد الكيميائية في الدماغ مثل النواقل العصبية، ومادة الأستيل كولين التي تعمل على زيادة نشاط الخلايا العصبية.
قد يحدث الاضطراب ثنائي القطب نتيجة وجود عوامل متنوعة مثل تلقي الأخبار المفجعة والصادمة مثل موت أحد افراد العائلة، أو حدوث العديد من المشاكل الاجتماعية والمالية، وتشير الدراسات إلى أن نوبة الاضطراب تستمر لعدة أشهر وتكون أكثر انتشارًا في فصل الشتاء، وهناك علاقة بين اضطراب ثنائي القطب والحب، حيث يؤدي هذا الاضطراب إلى إفشال الكثير من العلاقات العاطفية، فكثرة الشك والغرور تؤدي لكثرة المشاكل والاختلافات بين أفراد العائلة.
الهوس
من أعراض الهوس الشعور بالافتخار والزهو والعظمة، وتطاير الأفكار وتشتت الانتباه وكثرة التحدث والكلام والإلحاح في الطلبات، وقلة الشعور بالنعاس والنوم، وعدم الراحة والحساسية المُفرطة، وتأتي على شكل نوبات قد تستمر الواحدة منها عدة أيام، هناك أنواع عديدة من الهوس كالتالي:-
- هوس خفيف ويكون فيه المريض شديد النشاط والحيوية، وشديد الافتخار بنفسه نتيجة شعوره بالكمال العقلي.
- هوس لا يوجد به أعراض ذهانية ويكون المريض كثير الكلام ولا يهتم بمحتوى ما يقوله.
- هوس حاد وهو شعور متناقض حيث يشعر المريض بالمرح الذي ينقلب فجأة إلى عدوانية وغضب بالإضافة للعديد من التصرفات التي تتنافى مع تقاليد وعادات المجتمع.
- هوس تصاحبه أعراض ذهانية حيث تزداد شكوك المريض ويشعر بأنه مضطهدٌ من الجميع ويزداد شعورُهُ بالعظمة والثقة بالنفس.
- هوس مزمن يستمر لعدة سنوات ويشبه بدرجةٍ كبيرةٍ الاضطراب ثنائي القطب.
- هوس إشعال الحرائق من أجل الترويح عن الحالة المزاجية السيئة وأنه يصاب بالهدوء والطمأنينة عندما يرى الحرائق.
- هوس السرقة مثل سرقة الأشياء التي لا يحتاج إليها كالأقلام مثلاً.
- هوس اقتناء الكتب بكميات كبيرة دون قراءتها.
- هوس احتساء الخمور بجرعات كبيرة جدًّا قد تؤدي إلى أضرار صحية.
- الهوس بجمع الأشياء النادرة.
قد يؤدي الهوس إلى الإصابة بالعديد من المضاعفات مثل الإدمان والتعرض لمشاكل اقتصادية وقانونية، وتوجدُ علاقةٌ بين اضطراب ثنائي القطب والزواج، حيث يؤدي الإدمان والاكتئاب وتقلبات المزاج وكثرة الشك إلى كثرة المشاكل بين الزوجين وقد يصل الأمر إلى المحاكم والمشاكل القضائية والانفصال، ويمكن العلاج الدوائي باستخدام مضادات الصرع وأملاح الليثيوم بالإضافة لاستخدام الجلسات الكهربية في العلاج.
علاج ثنائي القطب
وهناك سؤالٌ يتردد دائمًا، هل يشفي مريض ثنائي القطب ؟ للأسف لا يوجد علاج يمكننا من خلاله التخلص بشكلٍ نهائيٍّ من الاضطراب ثنائي القطب، لكن يوجد العديد من العلاجات التي تُستخدم من أجل التخفيف من حدة أعراض المرض ومن شدة النوبات التي تحدث للمريض.
فيجب أولاً علاج حالات الإدمان مثل إدمان المخدرات إذا كان المريض مدمنًا، وهناك علاج يُسمى العلاج المعرفي السلوكي، وفيه يتم تعليم المريض كيفية التخلص من الأفكار السلبية التي تأتي له دون الحاجة لعلاج دوائي، وقد يكثر هذا المرض بسبب قلة الضوء و خاصة في فصل الشتاء فيمكننا استخدام العلاج بالضوء عن طريق تسليط ضوء صناعي على المريض.
وبالطبع يجب علينا عدم إهمال النباتات الطبية المفيدة مثل عرق السوس واللبلاب فهما يساهمان في زيادة إفراز بعض الهرمونات في الجهاز الهضمي والمخ، أو قد يتم اللجوء إلى الأدوية الطبية مثل مضادات الذهان مثل دواء (زيبركسا) ودواء (سيروكيل) ومضادات الاكتئاب والأدوية التي تساعد على تحسين المزاج مثل دواء (ديباكين) والأدوية المضادة للقلق التي يتم استخدامها لفترة قصيرة.
من الضروري للمريض أن يلتزم بتناول الأدوية التي تُساعدُ في التخفيف من أعراض الاضطراب ثنائي القطب وفق جرعتها المحددة وكما يصفها الطبيب، ويجب عدم تناول مضادات الاكتئاب بمفردها لأنها قد تسبب نوبات هوس لذلك يُفضل تناول مضادات الاكتئاب مع مضادات الذهان، العديد من تلك الأدوية تحتاج لأسابيع أو شهور حتى تظهر نتائج جيدة لذلك يجب الصبر عليها، ويجب استشارة الطبيب قبل تناول عدة أدوية خلال فترة الحمل مثل حمض الفالبوريك.
وإذا كانت الحالة خطيرة أو كان المريض قد حاول الانتحارَ سابقًا، فمن الممكن اللجوء للعلاج بالصدمات الكهربية أو بالتحفيز المغناطيسي، ويمكن حجز المريض في المستشفى للحفاظ على هدوئه وحمايته من إيذاء نفسه وغيره.
تشخيص اضطراب ثنائي القطب
قبل العلاج يجب أولاً تشخيص اضطراب ثنائي القطب لتحديد طريقة العلاج الصحيحة، ويتمُّ ذلك عن طريق متابعة الأعراض التي تحدث للمريض وإجراء العديد من الفحوصات، ويجب على الطبيب أخذ التاريخ الطبي للمريض لمعرفة الأدوية التي يتناولها وهل يوجد تاريخ وراثي للإصابة بالاضطراب ثنائي القطب، وإجراء العديد من الفحوصات الجسدية لمعرفة هل كانت الإصابة بالاضطراب بسبب حادثة أدت لتضرر أعضاء الجسم، بالإضافة للتحدث مع أقربائه وأصدقائه لمعرفة المزيد من المعلومات وهل تعرض لحوادث أو مواقف سابقة أدت لإصابته بهذا المرض، ويمكن إجراء استشارة نفسية مع أحد الأطباء النفسيين.
كيفية التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب
لمعرفة كيفية التعامل مع مريض الاضطراب ثنائي القطب يجب على أقارب المريض معرفة كافة المعلومات عن المرض وكيفية التعامل مع المريض أثناء النوبات، ويجب على المريض باضطراب ثنائي القطب اتباع نظام صحي سليم في الحياة من أجل الحفاظ على الحيوية والنشاط مثل وجود نظام غذائي يحتوي على العديد من الفيتامينات والمواد الغذائية بالإضافة لممارسة الرياضة بانتظام، وهذا من شأنه أن يزيدَ من هرمونات السعادة لدى المريض وابتعاده عن الاكتئاب، ويجب عليه الإقلاع عن التدخين وتناول الكحوليات.
ولا ينبغي مراقبة المريض بشكل زائد عن الحد أو توجيهه للاختلاط مع الآخرين بالإجبار، لأنه يكون سريعَ الغضبِ والعصبية، ولا ينبغي توجيهُ اللوم والانتقاد للمريض بشكل دائم ومستمر، بل يجب مساعدتُهُ تدريجيًّا لأن مريض الاضطراب ثنائي القطب يحتاج لمدة كافية حتى يتمكن من الاندماج مع المجتمع بشكل سليم.